جمعيات مكافحة الفقر في فرنسا تجهد لإيصال المساعدات لمستحقيها
جمعيات مكافحة الفقر في فرنسا تجهد لإيصال المساعدات لمستحقيها
أبدت جمعيات مكافحة الفقر في فرنسا قلقها إزاء الارتفاع الكبير في طلبات المساعدة على غرار "لي ريستو دو كور" التي تعجز عن تلبية الطلب وقررت خفض عدد المستفيدين من خدماتها.
بعد التحقق من بطاقة تسجيل امرأة برفقة طفلها، تستدير كورين لومونييه لالتقاط علبة حليب أطفال وحزمة من الحفاضات، وتضعها بسرعة في حقيبة المستفيدة.
وقالت هذه المتطوعة في جمعية "لي ريستو دو كور"، "إن الطلب كثيف للغاية، ولا نتوقف"، وفق وكالة فرانس برس.
مركز التوزيع هذا الواقع في الدائرة 11 بباريس والمخصص لاستقبال 1400 شخص أسبوعيًا، بات الآن يقدم مساعداته لنحو 3500 شخص.
وقال نائب المدير فيليب بلان، إن المركز "شهد تدفقاً لطلبات المساعدة خلال الوباء والعدد لم يتراجع، بل على العكس هو في ازدياد".
وارتفع عدد المستفيدين من المركز بنسبة 37 بالمئة هذا العام مقارنة بالعام الماضي.
الجمعة، اكتظ المركز بالمستفيدين، معظمهم من النساء برفقة أطفالهن، جلس المتطوعون بجوار أكوام صناديق البطاطس والطماطم والبطيخ، ليسلموا كل شخص الكمية المخصصة له، بحسب عدد أفراد عائلته.
وتقول نويل (32 عامًاً) التي خرجت للتو من المركز محملة بعلب الفاكهة واللبن ومنتجات رعاية الأطفال التي وضعتها في الجزء السفلي من عربة طفلها "بالنظر إلى كلفتها، لم تعد المنتجات اليومية في متناول أيدينا"، موضحة أنه "مع التضخم، تغير الوضع ولم يعد بإمكاننا تناول الطعام بشكل جيد".
التضخم في فرنسا
ارتفع معدل التضخم في فرنسا بنسبة 4,8 بالمئة على أساس سنوي في أغسطس، بحسب المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.
ولا يزال أحد محركاته الرئيسية هو سعر المنتجات الغذائية الذي قفز بنسبة 11,1 بالمئة على أساس سنوي في الشهر الماضي، وهي زيادة أبطأ مما كانت عليه في يوليو (12,7 بالمئة) ولكنها لا تزال مع ذلك مرتفعة.
وفي هذا السياق، تواجه الجمعية زيادة كبيرة في عدد طالبي المساعدة على الصعيد الوطني، وارتفع عدد الذين قدمت الجمعية خدماتها إليهم من 1,1 مليون مستفيد طوال العام الفائت إلى نحو 1,3 مليون شخص حتى الآن هذه السنة.
وفي الأشهر الأخيرة، "تضاعفت" موازنتها المخصصة لشراء المواد الغذائية التي يعاد توزيعها مجاناً على المستفيدين.
وقال رئيسها باتريس دوريه، "إنه وضع بالغ التعقيد، لم نشهده من قبل في لي ريستو دو كور" منذ أنشأها الممثل الراحل كولوش عام 1985، وهو ما أدى إلى صعوبات مالية.
واضطرت الجمعية التي تقدم 35 في المئة من المساعدات الغذائية في فرنسا، إلى تقليص عدد المستفيدين هذا الشتاء.
وللقيام بذلك، ستعيد النظر في تحديد عتبة نفقات المعيشة المتبقية (الدخل المتوافر بعد خصم الرسوم الثابتة، مثل الإيجار والكهرباء) التي تؤهل المستفيد للتسجيل.
وإذ توقع دوريه استبعاد نحو 150 ألف مستفيد، قال "إنه أمر مؤلم حقاً، ولكن سنضطر إلى أن نقول لا بصورة جماعية للأشخاص الذين كان من الممكن أن نستقبلهم قبل التضخم" ولكن "ليس لدينا خيار آخر"، داعياً إلى "تعبئة ضخمة" للقوى السياسية والاقتصادية من أجل مساعدة الجمعية على "تجاوز هذه المرحلة الصعبة".
وضع مقلق
لاحظت جمعيات كبرى أخرى تكافح الفقر، هذا التدفق لطلبات المساعدة، لكنها لا تنوي حاليا تقييد عملها.
ففي جمعية "الإغاثة الشعبية"، ارتفعت هذه النسبة "من 20 إلى 40 بالمئة، حسب المناطق"، وهو وضع "مقلق للغاية"، بحسب المسؤولة حورية طارق التي قالت "نحن نفتقر إلى الموارد البشرية والمالية".
وفي لجنة الصليب الأحمر، زادت طلبات المساعدات الغذائية بنسبة 7 بالمئة في النصف الأول من العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والتي اتسمت كذلك بارتفاع حاد في الطلبات.
وأوضحت مديرة برنامج مكافحة انعدام الأمن الغذائي أودري بورسيكو، أن "هذا المنحى مستمر، ما زلنا قادرين على الاستجابة بفضل الجهات المانحة، لكن هذا لا ينبغي أن يستمر".
وتسعى العديد من الجمعيات إلى إيجاد حلول للاستمرار في الحصول على الإمدادات مع الحفاظ على مواردها المالية.
أما "جيش الإنقاذ" الذي "ضاعف عملياً" مساعداته الغذائية مقارنة بالفترة التي سبقت الأزمة الصحية، فيحاول، على سبيل المثال، التوصل إلى اتفاقات مع المزارعين.